فصل: أمر النيل في هذه السنة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


وتوفي السلطان الملك المنصور أحمد ابن الملك الصالح ابن الملك المنصور غازي بن قرا أرسلان بن أرتق الأرتقي صاحب ماردين بها وقد جاوز الستين سنة من العمر‏.‏

وكانت مدة ملكه ثلاث سنين وكان صاحب همة علية وحرمة سنية‏.‏

رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الشاب الفاضل تاج الدين محمد بن السكري رحمه الله‏.‏

وكان فاضلًا عالمًا ودرس وبرع رحمه الله‏.‏

وفيه يقول ابن نباتة‏:‏ السريع سألته في خده قبلة فقال قولًا ليس بالمنكر عليك بالصبر ومن ذا الذي ينفعه الصبر عن السكري وتوفي الأمير علاء الدين ألطنبغا بن عبد الله البشتكي نائب غزة وأستادار السلطان كان في رابع عشر شعبان‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين باكيش بن عبد الله اليلبغاوي الحاجب في صفر وكان من رؤوس الفتن وممن قام على أستاذه يلبغا‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين بيليك بن عبد الله الفقيه الزراق أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية رحمه الله تعالى‏.‏

كان فاضلًا فقيهًا ويكتب المنسوب وعنده مشاركة في فنون‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين تلكتمر بن عبد الله المحمدي الخازندار أحد أمراء الألوف بالديار المصرية مسجونًا بثغر الإسكندرية‏.‏

وكان ممن قام مع أسندمر الناصري‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين جرجي بن عبد الله الإدريسي الأمير آخور ثم نائب حلب وهو بدمشق‏.‏

وكان من أجل الأمراء وتنقل في عدة وظائف وولايات رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين جرقطلو بن عبد الله أمير جاندار في صفر وكان من الأشرار‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربعة أذرع وأربعة عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعًا سواء‏.‏

والله أعلم‏.‏

السنة السادسة من سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين على مصر وهي سنة سبعين وسبعمائة‏.‏

وفيها توفي الشيخ بدر الدين محمد بن جمال الدين محمد بن كمال الدين أحمد بن جمال الدين محمد بن أحمد الشريشي البكري الوائلي الدمشقي الشافعي بدمشق عن ست وأربعين سنة رحمه الله‏.‏

وكان عالمًا فاضلًا فقيهًا‏.‏

درس بالإقبالية بدمشق إلى أن مات‏.‏

وفيها توفي قاضي القضاة جمال الدين محمود بن أحمد بن مسعود القونوي الحنفي قاضي قضاة دمشق بها عن ست وسبعين سنة‏.‏

وكان - رحمه الله - من العلماء الأماثل‏.‏

كان رأسًا في الفقهاء الحنفية بارعًا في الأصول والفروع ودرس بدمشق بعدة مدارس وأفتى وجمع وألف رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي القاضي شمس الدين محمد بن خلف بن كامل الغزي الشافعي بدمشق عن بضع وخمسين سنة‏.‏

وكان عالمًا درس بدمشق وأفتى وباشر بها نيابة الحكم إلى أن مات رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الطواشي ناصر الدين شفيع بن عبد الله الفوي نائب مقدم المماليك السلطانية في يوم الأحد ثامن شعبان‏.‏

وكان من أعيان الخدام وطالت أيامه في السعادة‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين أرغون بن عبد الله بن غلبك الأزي رأس نوبة النوب بالديار المصرية في العشر الأول من جمادى الآخرة‏.‏

وكان من أعيان الأمراء وهو أحد من ثار على يلبغا‏.‏

وتوفي الأمير صلاح الدين خليل بن أمير علي ابن الأمير الكبير سلار المنصوري‏.‏

وكان أحد أمراء الطبلخانات بالديار المصرية وهو أحد من ركب مع الأتابك أسندمر‏.‏

وتوفي الأمير ناصر الدين محمد بن طقبغا الناصري أحد أمراء الطبلخانات أيضًا‏.‏

وتوفي الأمير صارم الدين إبراهيم ابن الأمير سيف الدين صرغتمش الناصري‏.‏

وكان أيضًا من أمراء الطبلخانات وله وجاهة في الدولة وفيه شجاعة وإقدام ودفن بمدرسة أبيه‏.‏

رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الأديب الموال شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد المعروف بالفار الشطرنجي العالية‏.‏

وكان بارعًا في المواليا وله شعر جيد وكان ماهرًا في الشطرنج‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قشتمر بن عبد الله المنصوري نائب حلب بها مقتولًا بيد العرب في وقعة كانت بينه وبينهم على تل السلطان وقتل معه ولده وقد تقدم أن قشتمر هذا ولي نيابة طرابلس ونيابة دمشق ونيابة السلطنة بالديار المصرية‏.‏

ثم أخرج من مصر إلى نيابة حلب فلم تطل مدته على نيابة حلب وقتل رحمه الله‏.‏

وكان شجاعًا مقدامًا عارفًا مدبرًا سيوسًا‏.‏

دبر أمر السلطنة سنين وحمدت سيرته‏.‏

وتوفي القاضي عماد الدين محمد بن شرف الدين موسى بن سليمان الشهير بالشيرجي بدمشق‏.‏

كان ولي حسبة دمشق ونظر خزانتها‏.‏

وكان له ثروة ولديه فضيلة وعنده سياسة‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين آقتمر بن عبد الله من عبد الغني الصغير في شهر رمضان‏.‏

وآقتمر هذا غير الأمير الكبير آقتمر عبد الغني‏.‏

وكان آقتمر هذا من جملة أمراء الطبلخانات‏.‏

والله أعلم‏.‏

وتوفي السلطان صاحب تونس وما والاها من بلاد الغرب أبو إسحاق إبراهيم ابن أبي بكر بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى في العشرين من شهر رجب بعد ما ملك تسع عشرة سنة رحمه الله‏.‏

وكان من أجل ملوك الغرب‏.‏

كان شجاعًا وله مواقف وفتوحات هائلة‏.‏

 أمر النيل في هذه السنة

‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ لزيادة سبعة عشر ذراعًا وستة أصابع‏.‏

والله أعلم‏.‏

السنة السابعة من سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين على مصر وهي سنة إحدى وسبعين وسبعمائة‏.‏

وفيها توفي قاضي القضاة شرف الدين أبو العباس أحمد ابن الشيخ شرف الدين حسن بن الخطيب شرف الدين أبي بكر عبد الله ابن الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة الشهير بابن قاضي الجبل الحنبلي المقدسي الصالحي قاضي قضاة دمشق بها في ثالث عشر شهر رجب عن ثمان وسبعين سنة رحمه الله‏.‏

وكان إمامًا عظيم القدر انتهت إليه رياسة مذهبه وكان صحب ابن تيمية وسمع منه وتفقه به وبغيره‏.‏

وفي هذا المعنى يقول‏:‏ الوافر واسمي أحمد أرجو بهذا شفاعة سيد الرسل الكرام وتوفي قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب ابن قاضي القضاة تقي الدين علي ابن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام الأنصاري السلمي السبكي الشافعي قاضي قضاة دمشق بها في عصر يوم الثلاثاء سابع شهر ذي الحجة ودفن بسفح قاسيون تغمده الله برحمتيما عن أربع وأربعين سنة‏.‏

الفقه للنووي وشرح مختصر ابن الحاجب ومنهاج البيضاوي وغير ذلك‏.‏

ودرس بالعادلية والغزالية والأمينية والناصرية وأدار الحديث الأشرفية والشامية البرانية‏.‏

وباشر قضاء دمشق أربع مرات وخطب بالجامع الأموي‏.‏

وقدم القاهرة وتولى مكانه أخوه أبو حامد بهاء الدين واستقر تاج الدين هذا مكان أخيه أبي حامد المذكور في تدريس الشيخونية بمصر‏.‏

وقيل‏:‏ إنه كان أفقه من أخيه أبي حامد المذكور‏.‏

وتوفي قاضي القضاة جمال الدين أبو عبد الله محمد ابن الشيخ زين الدين عبد الرحيم بن علي بن عبد الملك المسلاتي السلمي قاضي قضاة دمشق بالقاهرة وهو من أبناء السبعين سنة‏.‏

وكان - رحمه الله - عالمًا فاضلًا‏.‏

سمع بالإسكندرية ومصر والشام وأخذ عن القونوي وأبي حيان وغيرهما وولي نيابة الحكم بدمشق‏.‏

ثم استقل بالقضاء أكثر من عشرين سنة‏.‏

وتوفي الأديب شهاب الدين أبو العباس أحمد بن يوسف بن أحمد المارديني الشهير بابن خطيب الموصل رحمه الله‏.‏

مات بحماة وهو من أبناء الستين سنة‏.‏

وكان أديبًا فاضلًا‏.‏

كان يتنقل في البلاد وكان يكتب المنسوب وله مشاركة‏.‏

ومن شعره‏:‏ المتقارب ليهنك ما نلت من منصب شريف له كنت مستوجبا وما حسن أن تهنى به ولكن نهني بك المنصبا وتوفي الأمير ناصر الدين محمد ابن الأمير تنكز الحسامي الناصري نائب الشام‏.‏

كان أحد أمراء الطبلخانات بالديار المصرية وله وجاهة في الدولة‏.‏

رحمه الله‏.‏

وتوفي الوزير الصاحب شمس الدين موسى بن أبي إسحاق عبد الوهاب بن عبد الكريم القبطي المصري‏.‏

أسلم أبوه وتولى نظر الجيش والخاص بعد كريم الدين الكبير واستناب ابنه هذا وكان يوم ذاك ناظر الخزانة الشريفة‏.‏

فلما مات أبوه في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة استقر مكانه في نظر الخاص فباشر فيه مدة وصرف بالنشو واستقر في نظر الجيش عوضًا عن الفخر فلم تطل مدته وأمسك بسعي النشو وسلم هو وأخوه علم الدين ناظر الدولة إلى النشو فأوقع الحوطة على موجودهما فوجد لهما ما لا يوصف‏:‏ من ذلك أربعمائة سراويل لزوجته‏.‏

واستقر عوضه في نظر الجيش مكين الدين إبراهيم بن قروينة‏.‏

واستمر موسى في المصادرة وأجري عليه العذاب ألوانًا‏.‏

وأمره أعجب من العجب وهو أنه كان قبل مصادرته نحيف البدن قليل الأكل لا يزال سقيمًا بالربو وضيق النفس‏.‏

وكانت تلزمه الحمى الصالبة فلا يبرح محتميًا ويلبس الفراء شتاء وصيفًا فبنى له أبوه بيتًا في الروضة ووكل به الأطباء يدبرون له الأغذية الصالحة ويعالجونه وهو على ما هو عليه إلى أن قبض عليه وصودر وسلم لوالي القاهرة ناصر الدين محمد بن المحسني‏.‏

ثم نقل إلى لؤلؤ شاد الدواوين وكان النشو يغريهما على قتله فضمن لؤلؤ للنشو قتله‏.‏

فضربه أول يوم مائتي شيب‏.‏

وسعطه بالماء والملح وبالخل والجير حتى قوي عنده أنه مات فأصبح سويًا فضربه بعد ذلك حتى أعياه أمره وعقد له المقرعة التي يضربه بها فكانت إذا نزلت على جنبه لثقبه‏.‏

فكان يضربه بتلك المقرعة حتى يقولوا مات فيصبح فيعيدون العذاب والتسعيط‏.‏

فصار يقيم اليوم واليومين والثلاثة لا يمكن فيها من أكل ولا شرب‏.‏

وكانوا إذا عاقبوه وفرغوا رموه عريانًا في قوة الشتاء على البلاط فيتمرغ عليه بجسمه وهو لا يعي من شدة الضرب والعقوبة‏.‏

كل ذلك والنشو يستحث على قتله‏.‏

ثم عصروه في كعبيه وصدغيه حتى لهجوا بموته وبشروا النشو بموته غير مرة‏.‏

ثم يتحرك فيجدوه حيًا‏.‏

واستمر على ذلك أشهرًا‏.‏

ثم ترك نحو الشهر لما أعياهم أمره وأعادوا عليه العقوبة وعلى زوجته بنت الشمس غبريال - وكانت كحاله في ضعف البدن والنحافة - وكانت حاملًا فولدت وهي تعصر فعاش ولدها حتى كبر‏.‏

وما زالا في العقوبة حتى هلك النشو وهو يقول‏:‏ أموت وفي قلبي حسرة من موسى بن التاج‏.‏

فمات النشو ولم ينل فيه غرضه‏.‏

قيل‏:‏ إن مجموع ما ضرب موسى هذا ستة عشر ألف شيب حتى أنه ضرب مرة فوقع من ظهره قطعة لحم بقدر الرغيف‏.‏

وأعجب من هذا كله أنه لما أطلق تعافى مما كان به من الأمراض المزمنة القديمة وصار صحيح البدن‏.‏

ثم أفرج عنه الملك الناصر محمد وأكرمه وأنعم عليه ببغلة النشو ورد عليه أشياء كثيرة وولاه نظر جيش دمشق ثم ولي نظر الخاص ثانيًا وأضيف إليه نظر الخزانة الشريفة‏.‏

وساءت سيرته واستعفى وأعيد إلى دمشق وزيرًا‏.‏

ولم يزل يتنقل في الوظائف إلى أن مات في هذا التاريخ‏.‏

وقد أطلنا في ذكره لما أوردناه من الغرائب‏.‏

انتهى‏.‏

وتوفي الأمير علاء الدين طيبغا المحمدي في شهر صفر‏.‏

وكان أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية‏.‏

وتوفى الأمير سيف الدين بكتمر بن عبد الله المؤمني الأمير آخور الكبير بالديار المصرية رحمه الله‏.‏

وكان من أجل الأمراء فضلًا ومعرفة ودينًا وعفة عن الأموال‏.‏

وتولى عدة وظائف وتنقل في الولايات مثل نيابة حلب والإسكندرية ثم استقر أمير آخور إلى أن مات‏.‏

وهو صاحب المصلاة بالرميلة والسبيل المعروف بسبيل المعروف بسبيل المؤمني رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين أسندمر بن عبد الله الكاملي زوج خوند القردمية بنت الملك الناصر محمد بن قلاوون‏.‏

وكان أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية ومات بالقاهرة‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين آروس بغا بن عبد الله الخليلي أحد أمراء الطبلخانات بالقاهرة في شهر رجب وهو أحد من قام على يلبغا‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين أسن بن عبد الله الصرغتمشي أحد أمراء الطبلخانات بالديار المصرية بدمشق بعدما نفي إليها وكان من الأشرار‏.‏

وتوفي الأمير علاء الدين ألطنبغا بن عبد الله العلائي المعروف‏:‏ فرفور‏.‏

كان أحد أمراء الطبلخانات بمصر وكان خصيصًا عند الملك الأشرف‏.‏

رحمه الله‏.‏

وتوفي الأمير علاء الدين آقبغا بن عبد الله اليوسفي الناصري الحاجب في شعبان بمدينة منفلوط وقد توجه إلى لقاء هدية صاحب اليمن إلى السلطان الملك الأشرف‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين أينبك بن عبد الله الأزقي أحد أمراء الطبلخانات ورأس نوية ثاني بها وكان من الشجعان‏.‏

وتوفي الأمير الأكز بن عبد الله الكشلاوي وهو منفي بحلب في شهر ربيع الأول‏.‏

وكان من أعظم الأمراء وأرجههم‏.‏

ولي الوزر والأستدارية بمصر ونالته السعادة وعظم في الدول إلى أن تغير وفيها كان بدمشق طاعون عظيم وانتشر إلى عدة بلاد ومات فيه خلائق لا تحصى كثرة‏.‏

والله أعلم‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربعة أذرع وخمسة وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وثمانية عشر إصبعًا‏.‏

السنة الثامنة من سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين على مصر وهي سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة‏.‏

وفيها توفي الشيخ العالم المفتن جمال الدين أبو محمد عبد الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر القرشي الأموي الإسنائي الشافعي شيخ الشافعية بالديار المصرية‏.‏

مات فجأة في ليلة الأحد ثامن عشرين جمادى الأولى عن سبع وستين سنة رحمه الله تعالى‏.‏

وكان إمامًا عالمًا مصنفًا بارعًا‏.‏

درس بالأقبغاوية والفاضلية والفارسية ودرس التفسير بجامع أحمد بن طولون وتصدر بالملكية وأعاد بالناصرية والمنصورية وغيرهما‏.‏

وله مصنفات كثيرة مفيدة‏:‏ منها كتاب المهمات على الرافعي وشرح المنهاج في الفقه وشرح منهاج البيضاوي في الأصول‏.‏

وله كتاب طبقات الفقهاء الشافعية وكتاب تخريج الفروع على الأصول وسماه التمهيد وكتاب تخريج الفروع على العربية وسماه الكوكب وشرح عروض ابن الحاجب ومختصر الإمام الرافعي وكتاب الجمع والفرق‏.‏

وكان له نظم ليس بذاك من ذلك ما قاله يمدح كتاب الرافعي في الفقه‏:‏ الكامل يا من سما نفسًا إلى نيل العلا ونحا إلى العلم الغزير الرافع قلد سمي المصطفى ونسيبه والزم مطالعة العزيز الرافعي وتوفي القاضي شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن الشيخ الصالح برهان الدين إبراهيم العمري الصالحي الحنفي قاضي قضاة الإسكندرية وبها توفي - رحمه الله - وقد قارب سبعين سنة‏.‏

وكان فاضلًا عالمًا‏.‏

أفتى ودرس وخطب وأفاد وأعاد وأقام بحلب مدة يقرئ ويفتي‏.‏

ثم قدم إلى مصر وأقام بها أيضًا إلى أن ولي قضاء الإسكندرية مسؤولًا في ذلك‏.‏

وتوفي الأمير الكبير علاء الدين علي المارديني ثم الناصري نائب السلطنة بدمشق ثم بالديار المصرية في العشر الأول من المحرم عن بضع وستين سنة‏.‏

وكان أميرًا جليلًا دينًا خيرًا عفيفًا عاقلًا‏.‏

تنقل في الأعمال الجليلة سنين عديدة وطالت أيامه في السعادة‏.‏

وكان - رحمه الله - منقادًا إلى الشريعة في أحكامه وأفعاله مشتغلًا بالفقه على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة - رضي الله عنه - مستحضرًا له‏.‏

وكان قريبًا من الناس محببًا للرعية‏.‏

وأجل أعمال وليها نيابة حلب ثم دمشق ثلاث مرات فيما أظن‏.‏

والله أعلم‏.‏

ثم نيابة السلطنة بالديار المصرية‏.‏

وأما الولايات التي دون هذه فكثير‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين جرجي بن عبد الله الإدريسي الناصري بدمشق عن بضع وخمسين سنة‏.‏

وكان أصله من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون وترقى إلى أن ولي نيابة حلب‏.‏

ثم عزل بعد مدة وأنعم عليه بإمرة بدمشق فتوجه إليها وأقام بها إلى أن مات رحمه الله‏.‏

وكان عالي الهمة غزير النعمة وله سعادة وافرة وقد تقدم وفاته والأصح أنه توفي في هذه السنة‏.‏

وتوفي قاضي قضاة المدينة النبوية - على الحال بها أفضل الصلاة والسلام - نور الدين أبو الحسن علي بن عز الدين أبي المحاسن يوسف بن الحسن ابن محمد ابن محمود الزرندي الحنفي المدني رحمه الله‏.‏

كان عالمًا فاضلًا‏.‏

ولي قضاء المدينة سنين‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين أرغون بن عبد الله من قيران السلاري أحد أمراء الطبلخانات ونقيب الجيوش المنصورة في شهر جمادى الأولى‏.‏

وكان قديم هجرة وله كلمة في الدولة وحرمة وقرب من الملوك‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين أسندمر بن عبد الله العلائي الحاجب المعروف حرفوش بعدما أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق على هيئة النفي فإنه كان من أكابر أمراء الألوف بالديار المصرية وكان ممن يخاف شره‏.‏

وتوفي القاضي بدر الدين أبو علي الحسن بن محمد بن صالح بن محمد بن محمد النابلسي الفقيه الحنبلي - رحمه الله - مفتي دار العدل في شهر جمادى الآخرة‏.‏

وتوفي الشيخ علاء الدين أبو الحسن علي بن عماد الدين إسماعيل بن برهان الدين إبراهيم الفقيه المالكي المعروف بابن الظريف في رابع عشر شهر جمادى الأولى‏.‏

رحمه الله‏.‏

وتوفي الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الله بن محمد الزركشي الحنبلي في رابع عشرين جمادى الأولى أيضًا رحمه الله تعالى‏.‏

وكان من أعيان الفقهاء الحنابلة‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين منكوتمر بن عبد الله من عبد الغني الأشرفي الدوادار في شهر جمادى الأولى‏.‏

وكان من خواص السلطان الأشرف شعبان ومن مماليكه‏.‏

وتوفي القاضي تاج الدين أبو عبد الله محمد بن البهاء المالكي المعروف بابن شاهد الجمالي تغمده الله تعالى‏.‏

كان فقيهًا وتولى إفتاء دار العدل وشاهد الجيش وناظر البيمارستان المنصوري ووكيل الخاص‏.‏

وتوجه إلى الحجاز فمات في عوده بمنزلة العقبة‏.‏

وتوفي الشيخ المعتقد الصالح صاحب الكرامات الخارقة أبو زكرياء يحيى بن علي بن يحيى المغربي الأصل الصنافيري الضرير المجذوب‏.‏

قدم جده يحيى من الغرب ونزل عند الشيخ أبي العباس البصير بزاويته بجوار باب الخرق وولد له علي أبو يحيى هذا وكانت له أيضًا كرامات وقدم في التجريد وكان الغالب عليه الوله وذكر له الموفق كرامات جمة‏.‏

ثم ولد له يحيى هذا صاحب الترجمة مكفوفًا مجذوبًا إلا أنه له كلام خارق وأحوال عجيبة‏.‏

وكان الغالب عليه الوله كما كان أبوه وكان لا يفيق من سكرته‏.‏

لا يزال مغمورًا في نشوته لا يفرق بين من هو في حضرته من سلطان ولا أمير ولا غني ولا فقير والناس كلهم عنده سواء‏.‏

وكان يقيم أولًا بالقرافة عند ضريح أبي العباس البصير وبنى له هناك قبة وجعل لها بابين‏:‏ بابًا ظاهرًا وبابًا في الأرض نازلًا‏.‏

وكان أذا أحس بالناس هرب من ذلك الباب الذي في الأرض‏.‏

فلما كثر ترداد الناس إليه للزيارة من كل فج صار يرجمهم بالحجارة فلم يردهم ذلك عنه رغبة في التماس بركته‏.‏

ففر منهم وساح في الجبال مدة طويلة‏.‏

ثم نزل صنافير بالقليوبية من قرى القاهرة فكان كل يوم في أيام الشتاء يغطس في الماء البارد صبيحة نهاره وفي شدة الحر يجلس عريانًا مكشوف الرأس في الشمس وليس عليه سوى ما يستر عورته‏.‏

فكان يقيم على سقيفة طابونة سوداء أقام على ذلك ثلاث سنين لا ينزل عنها وبنى له بعض الأمراء زاوية فلم يسكنها ولا التفت إليها‏.‏

وكان الناس يترددون إليه فوجًا فوجًا ما بين قاض وعالم وأمير ورئيس وهو لا يلتفت إلى أحد منهم‏.‏

ومن كراماته - نفعنا الله به - أنه أتي مرة بمنسف خشب فيه طعام أرز فقال لهم‏:‏ سخنوه فلم يسعهم إلا موافقته ووضعوا المنسف الخشب على النار حتى اشتدت سخونة الطعام ولم تؤثر النار في الخشب‏.‏

ثم عاد إلى القرافة فمات بها في يوم الأحد سابع عشرين شهر شعبان وصلي عليه بمصلاة خولان فحزر عدة من صلى عليه من الناس فكانوا زيادة على خمسين ألفًا‏.‏

والله أعلم‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وخمسة وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وأربعة أصابع‏.‏

السنة التاسعة من سلطنة الملك الأشرف شعبان بن حسين على مصر وهي سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة‏.‏

فيها رسم السلطان الملك الأشرف للأشراف بسائر الأقطار أن يسموا عمائمهم بعلائم خضرة وقد تقدم ذكر ذلك كله في ترجمة الأشرف‏.‏

والله أعلم‏.‏

وفيها توفي القاضي كمال الدين أبو الغيث محمد ابن القاضي تقي الدين عبد الله ابن ماضي القضاة نور الدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الخالق بن عبد القادر الأنصاري الدمشقي الشافعي الشهير بابن الصائغ بدمشق عن بضع وأربعين سنة‏.‏

رحمه الله‏.‏

وكان ولي قضاء حلب مرتين ثم ولي قضاء حمص ثم عاد إلى دمشق وبها كانت وفاته‏.‏

وتوفي الشيخ العالم العلامة قاضي القضاة سراج الدين أبو حفص عمر ابن الشيخ نجم الدين إسحاق بن شهاب الدين أحمد الغزنوي الهندي الحنفي قاضي قضاة الديار المصرية بها في ليلة الخميس سابع شهر رجب بعد أن ولي القضاء نحو خمس عشرة سنة رحمه الله‏.‏

وتولى بعده القضاء صدر الدين محمد بن جمال الدين التركماني ومولد السراج هذا في سنة أربع أو خمس وسبعمائة تخمينًا‏.‏

وقدم القاهرة قبل سنة أربعين وسبعمائة رحمه الله‏.‏

وكان إمامًا عالمًا بارعًا مفتنًا في الفقه والأصلين والنحو وعلمي المعاني والبيان وغيرهم‏.‏

وناب في الحكم بالقاهرة وتصدى للإفتاء والتدريس والإقراء سنين‏.‏

ثم تولى عمة وظائف دينية وهو أحد من قام مع ابن النفاش في قضية الهرماس حتى وغرا خاطر السلطان عليه ووقع له معه ما وقع‏.‏

وكان السراج - رحمه الله تعالى - إمامًا مصنفًا‏:‏ منها شرح المغنى في مجلدين وشرح البديع لابن الساعاتي وغير ذلك‏.‏

وقد ذكرنا من علو همته وغزير فضله في المنهل الصافي نبذة كبيرة جيدة تنظر هناك‏.‏

وتوفي الشيخ الأديب أبو زكرياء يحيى بن محمد بن زكرياء بن محمد بن يحيى العامري الحموي الشهير بالخباز بدمشق وهو من أبناء الثمانين‏.‏

وكان بارعًا في النظم‏.‏

نظم سائر فنون الأدب وكان فيه تشيع كبير‏.‏

ومن شعره‏:‏ الوافر بعيشك هاتها صفراء صرفًا صباحًا واطرح قول النصوح فإن الشمس قد بزغت بعين تغامزنا على شرب الصبوح وله أيضا‏:‏ السريع باكر عروس الروض واستجلها وطلق الحزن ثلاثًا بتات بقهوة حلت لنا كلما حلت لآلي القطر جيد النبات وتوفي العلامة قاضي القضاة بهاء الدين أبو أحمد ابن قاضي القضاة تقي الدين أبي الحسن علي ابن الشيخ زين الدين عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف‏.‏

ابن موسى بن تمام الأنصاري السبكي الشافعي بمكة المشرفة عن ست وخمسين سنة رحمه الله‏.‏

وكان إمامًا عالمًا بارعًا في عدة من الفنون‏.‏

وسمع من الحفاظ وأخذ من والده وعن أبى حيان - وهو أسن من أخيه تاج الدين المقدم ذكره - ودرس بقبة الشافعي والجامع الطولوني والمنصورية والشيخونية‏.‏

وباشر قضاء - العسكر وإفتاء دار العدل بمصر وخطب وألف وصنف وتولى قضاء الشام عوضًا عن أخيه تاج الدين وتولى أخوه تاج الدين وظائفه بمصر وقد تقدم ذلك‏.‏

ثم ترك قضاء دمشق عفة ورجع إلى مصر يدرس ويفتي‏.‏

ثم جاور بمكة وبها مات رحمه الله‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين أيدمر بن عبد الله الشيخي أحد أمراء الألوف بالديار المصرية ثم نائب حماة‏.‏

وكان من أعيان الأمراء وقد تقدم ذكره في عدة أماكن‏.‏

وتوفي الشيخ الفقير المعتقد عبد الله درويش - رحمه الله - في سابع عشر شهر رجب‏.‏

وكان فقيرًا مباركًا وللناس فيه محبة واعتقاد حسن‏.‏

وتوفي الأديب الشاعر شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عثمان بن شيخان المعروف بابن البكري التيمي القرشي البغدادي في عاشر شهر رمضان بمنية ابن خصيب من صعيد مصر‏.‏

ومن شعره‏:‏ الوافر أتى المحبوب في السنجاب يسعى وطلعته لناظره تروق فتبصر طوقه السنجاب سحبًا وفيها من تبسمه بروق أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبعة أذرع وخمسة وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعًا وأربعة أصابع‏.‏

بن حسين على مصر وهي سنة أربع وسبعين وسبعمائة‏.‏

وفيها استقر الأمير ألجاي اليوسفي أتابك العساكر بديار مصر بعد موت منكلي بغا الشمسي‏.‏

وفيها توفي الشيخ الإمام الحافظ المؤرخ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل أبن الخطيب شهاب الدين أبي حفص عمر بن كثير القرشي الشافعي صاحب التاريخ والتفسير في يوم الخميس سادس عشرين شعبان بدمشق‏.‏

ومولده بقرية شرقي بصرى من أعمال دمشق في سنة إحدى وسبعمائة رحمه الله تعالى‏.‏

قال العيني رحمه الله‏:‏ كان قدوة العلماء والحفاظ وعمدة أهل المعاني والألفاظ‏.‏

وسمع وجمع وصنف ودرس وحدث وألف‏.‏

وكان له اطلاع عظيم في الحديث والتفسير والتاريخ واشتهر بالضبط والتحرير وانتهى إليه علم التاريخ والحديث والتفسير وله مصنفات عديدة مفيدة‏.‏

انتهى كلام العيني رحمه الله‏.‏

قلت‏:‏ ومن مصنفاته تفسير القرآن الكريم في عشر مجلدات وكتاب طبقات الفقهاء ومناقب الإمام الشافعي رضي الله عنه والتاريخ المسمى بالبداية والنهاية حذا فيه حذو ابن الأثير - رحمه الله - في الكامل والتاريخ أيضًا في عشرة مجلدات وخرج أحاديث مختصر ابن الحاجب وكتب على البخاري ولم يكمله رحمه الله تعالى‏.‏

ولما مات رثاه بعض طلبته رحمه الله بقوله‏:‏ الطويل ولو مزجوا ماء المدامع بالدما لكان قليلًا فيك يا ابن كثير وتوفي الشيخ الحافظ تقي الدين محمد بن جمال الدين رافع بن هجرس بن محمد بن شافع بن السلامي المصري الشافعي بدمشق عن ستين سنة‏.‏

وكان - رحمه الله - إمامًا في الحديث رحل البلاد وسمع بمصر والشام وحلب والحجاز وكتب لنفسه مشيخة وذيل على تاريخ البخاري رحمه الله‏.‏

وتوفي الأديب زين الدين أبو محمد عبد الرحمن بن الخضر بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يوسف بن عثمان السنجاري‏.‏

قدم حلب وباشر بها توقيع الدرج إلى أن مات بها عن نيف وخمسين سنة‏.‏

ومن شعره في مغن ورأيته لغيره‏:‏ الكامل أضحى يخر لوجهه قمر السما وغدا يلين لصوته الجلمود فإذا بدا فكأنما هو يوسف وإذا شدا فكأنه داوود وتوفي الأمير مظفر الدين موسى ابن الحاج أرقطاي الناصري نائب صفد بها وتولى عوضه نيابة صفد الأمير علم دار المحمدي‏.‏

وكان مظفر الدين من الأماثل وله وجاهة في الدول وثروة‏.‏

وتوفي الأمير الكبير سيف منكلي بغا بن عبد الله الشمسي أتابك العساكر بالديار المصرية بها في شهر جمادى الأولى عن بضع وخمسين سنة‏.‏

كان من أجل الأمراء وأعظمهم حرمة وهيبة ووقارًا وكان فيه ديانة وله معرفة بالأمور وله اشتغال جيد في علوم متعددة ولي نيابة صفد وطرابلس وحلب ودمشق ثم أعيد إلى حلب لإصلاح البلاد الحلبية فعاد إليها ومهد أمورها ثم طلبه الملك الأشرف إلى الديار المصرية وسأله أن يلي النيابة بها فامتنع من ذلك فأخلع عليه باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية وزوجه الأشرف بأخته خوند سارة فاستمر على ذلك إلى أن مات في التاريخ المذكور رحمه الله‏.‏

وتوفيت خوند بركة خاتون والدة السلطان الملك الأشرف هذا وزوجة الأمير ألجاي اليوسفي في شهر ذي القعدة ودفنت بمدرستها التي أنشأتها بخط التبانة وبسبب ميراثها كانت الوقعة بين ابنها الملك الأشرف وزوجها ألجاي اليوسفي وقد تقدم ذكر ذلك كله مفصلًا في أوائل هذه الترجمة‏.‏

وكانت خيرة دينة عفيفة جميلة الصورة‏.‏

ماتت في أوائل الكهولية‏.‏

رحمها الله تعالى‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام العالم العلامة ولي الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الملوي الديباجي الشافعي - رحمه الله - ذو الفنون بالقاهرة في ليلة الخميس خامس عشرين شهر ربيع الأول عن بضع وستين سنة‏.‏

وكان من أعيان فقهاء الديار المصرية‏.‏

وتوفي الشيخ العارف بالله تعالى المعتقد المسلك بهاء الدين محمد بن الكازروني في ليلة الأحد خامس شهر ذي الحجة بزاويته بالمشتهى بالروضة وكان - رحمه الله تعالى - رجلًا صالحًا